أبو بدران يبحث عن الآمان )
رواية( - الفصل الحادي عشر
الفصل الحادي عشر
11
ليل غريب
في اليل
لايقر له قرار ، لا يهدأ في نومه ، تراوده احلام غريبة ، كوابيس واضحة ، وغير واضحة ، إذا أستيقظ في نومه ،
النوم يولى هارباً ويتركه للضجر ، لايقدر على معاودة النوم مرة آخرى ، يسهر حتي
ساعات متأخرة من الليل .
هذه من
علامات التعب الفكري والنفسي ، يعاني من متاعب غريبة لم تظهر دقائقها التفصيلية
إلاّ عند النوم ، تدفعه الجاذبية اللا شعورية إلى الاختلاف والتكامل تدريجياً في
الحرص والحصافة بحيث لاينسى أبداً أن عقله يتمتع بنسبة عالية من الخيال . يقول أبو بدران : << ما كتائب اليأس
فانها زحفت عليّ بمرارات الأبادة ، وقالت
الليلة عيدها عندي ، في أعماقي ، في قرار نفسي ، لم أجد صديق يستمع ليّ ، أو ينصت
إلى ما أقوله ، لم أجد أحد أتسامر معه ، أحلم عندما أضع جسدي تحت الغطاء ، وهم
وخيال ، وابل من الأفكار ، تحولات لا أفهم سرها أو دوافعها ، طموحات ، رغبات ، لم
تتحقق ولن تتحقق ، عجزت عن تحقيقها منذ الصغر ، أوراق العمر أصْفرّت ، مرّ عليها
الخريف ، لم أنتبه لنفسي ، حالات مع ملامح مختلفة متعاقبة تمتلئ بظواهر اللاوعي ،
غوغاء كلها غوغاء .
في دماغي تعترك الأفكار ،
تحاول الخروج ، تحاول أن تتبلور في فكرة ما ، لتستقر في شكل ما إذا شاء الله لها
التحقيق ، لكن تلك الأفكار والمشاعر التي تأتيني عندما اوي إلى فراشي ، فليس لها
تحقيق ، تلك الأفكار أهندسها ، أفرطها خرزاً ثم أعيد تلضيمها من جديد ، يمر الوقت
وأنا ساهراً أعيد ترتيببها ، لكني عندما أفيق لم أجد شئ مما بنيت ، أحياناً لم أجد
المخرج من متاهاتي التي نسجتها ، كيف بدأت نسجها لا أعرف ، لكني أتمنى أن احقق القليل منها ولومرّة واحدة في العمر .
نفسي تحمل في ثناياها
اتعاب الحياة بكاملها ، بائس القلب حزين
، القي بنفسي على فراشي اجأر بتعاستي أحياناً بصوت
مسموع ، أرى نفسي ضحية العاطفة المفقودة ، أحاول أن اتغلب على نزواتي الضعيفة ، أن
أبدؤ في حالة هدؤ نفسي أو مزاج رائق ، لكن
يستمد بي الشعور بالأرهاق إلى درجة اليأس .
عندما اتململ في فراشي
تصدر عن غطأي حفيف خافت ، أحاول أن لا أتحرك حتى لا أزعج الذي يقاسمني الغرفة ،
أضل أصارع النعاس لفترة طويلة .
كان هناك صراع طويل يدور
في صدري ، ربما تمر ليلات وليلات في عالم الخيال والوهم >> .
سهر لايحدث
إلاّ من كثرة الهموم والواردات عليه ، حيرة الفكر وبحار التعب لا تدعه ، حالات مزاجية
كثيرة ومتنوعة ، الأيمان ، الحب ، الجمال ، الأستجابات العاطفية لروح الظامئة ،
العزاء ، الإحساس بالعطف .
عندما ينظر
حوله يرى مهيجات للشبق ، شبق جنسي ، أليس التعبير عن الشبق هو إثبات للذات الشخصية
؟ ، تجسيد للأحساس الداخلي؟ ، حتى في الفراش ، من أين تهب الريح ؟ .
ربما أنه
عندما يأوي إلى فراشه لينام يرخي لخياله العنان ، يتصفح في الوجوه التي أثارت فيه
الغرائز والشهوات خلال النهار ، تلك الرغبات الجنسية المكبوتة ، الكامنة في جسمه ،
لا سبيل إلى التعبير عنها أو اشباعها ، يتذكر واقعة المر ثم تنفجر منه الدموع
تطارد بعضها بعضاً على وجنتيه ، حزيناً مكتئباً ، ثم يترك لطبعه العنان ، يعيش
بغصته ، شهقات روحه تختنق ، يمضي الليل
بدون نوم من الغضب والألم النفسي ، ولكنه ينام بعد ان يجهده الارق بحزنه وحيداً بعد أن خيمت
عليه الكآبة .
نهاية الفصل الحادي عشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق