الاثنين، يونيو 25، 2012

أبو بدران يبحث عن الآمان (رواية) - الفصل الحادي عشر


أبو بدران يبحث عن الآمان ) رواية( - الفصل الحادي عشر
الفصل الحادي عشر
11
ليل غريب
في اليل لايقر له قرار ، لا يهدأ في نومه ، تراوده احلام غريبة ، كوابيس  واضحة ، وغير واضحة ، إذا أستيقظ في نومه ، النوم يولى هارباً ويتركه للضجر ، لايقدر على معاودة النوم مرة آخرى ، يسهر حتي ساعات متأخرة من الليل .
هذه من علامات التعب الفكري والنفسي ، يعاني من متاعب غريبة لم تظهر دقائقها التفصيلية إلاّ عند النوم ، تدفعه الجاذبية اللا شعورية إلى الاختلاف والتكامل تدريجياً في الحرص والحصافة بحيث لاينسى أبداً أن عقله يتمتع بنسبة عالية من الخيال . يقول أبو بدران : << ما كتائب اليأس فانها زحفت  عليّ بمرارات الأبادة ، وقالت الليلة عيدها عندي ، في أعماقي ، في قرار نفسي ، لم أجد صديق يستمع ليّ ، أو ينصت إلى ما أقوله ، لم أجد أحد أتسامر معه ، أحلم عندما أضع جسدي تحت الغطاء ، وهم وخيال ، وابل من الأفكار ، تحولات لا أفهم سرها أو دوافعها ، طموحات ، رغبات ، لم تتحقق ولن تتحقق ، عجزت عن تحقيقها منذ الصغر ، أوراق العمر أصْفرّت ، مرّ عليها الخريف ، لم أنتبه لنفسي ، حالات مع ملامح مختلفة متعاقبة تمتلئ بظواهر اللاوعي ، غوغاء كلها غوغاء .
في دماغي تعترك الأفكار ، تحاول الخروج ، تحاول أن تتبلور في فكرة ما ، لتستقر في شكل ما إذا شاء الله لها التحقيق ، لكن تلك الأفكار والمشاعر التي تأتيني عندما اوي إلى فراشي ، فليس لها تحقيق ، تلك الأفكار أهندسها ، أفرطها خرزاً ثم أعيد تلضيمها من جديد ، يمر الوقت وأنا ساهراً أعيد ترتيببها ، لكني عندما أفيق لم أجد شئ مما بنيت ، أحياناً لم أجد المخرج من متاهاتي التي نسجتها ، كيف بدأت نسجها لا أعرف ، لكني أتمنى  أن احقق القليل منها ولومرّة واحدة في العمر .
نفسي تحمل في ثناياها اتعاب الحياة بكاملها ، بائس القلب حزين ، القي بنفسي على فراشي اجأر بتعاستي أحياناً بصوت مسموع ، أرى نفسي ضحية العاطفة المفقودة ، أحاول أن اتغلب على نزواتي الضعيفة ، أن أبدؤ في حالة  هدؤ نفسي أو مزاج رائق ، لكن يستمد بي الشعور بالأرهاق إلى درجة اليأس .
عندما اتململ في فراشي تصدر عن غطأي حفيف خافت ، أحاول أن لا أتحرك حتى لا أزعج الذي يقاسمني الغرفة ، أضل أصارع النعاس لفترة طويلة .
كان هناك صراع طويل يدور في صدري ، ربما تمر ليلات وليلات في عالم الخيال والوهم >> .
سهر لايحدث إلاّ من كثرة الهموم والواردات عليه ، حيرة الفكر وبحار التعب لا تدعه ، حالات مزاجية كثيرة ومتنوعة ، الأيمان ، الحب ، الجمال ، الأستجابات العاطفية لروح الظامئة ، العزاء ، الإحساس بالعطف .
عندما ينظر حوله يرى مهيجات للشبق ، شبق جنسي ، أليس التعبير عن الشبق هو إثبات للذات الشخصية ؟ ، تجسيد للأحساس الداخلي؟ ، حتى في الفراش ، من أين تهب الريح ؟ .
ربما أنه عندما يأوي إلى فراشه لينام يرخي لخياله العنان ، يتصفح في الوجوه التي أثارت فيه الغرائز والشهوات خلال النهار ، تلك الرغبات الجنسية المكبوتة ، الكامنة في جسمه ، لا سبيل إلى التعبير عنها أو اشباعها ، يتذكر واقعة المر ثم تنفجر منه الدموع تطارد بعضها بعضاً على وجنتيه ، حزيناً مكتئباً ، ثم يترك لطبعه العنان ، يعيش بغصته ، شهقات روحه تختنق  ، يمضي الليل بدون نوم من الغضب والألم النفسي ، ولكنه ينام  بعد ان يجهده الارق بحزنه وحيداً بعد أن خيمت عليه الكآبة .
نهاية الفصل الحادي عشر

ليست هناك تعليقات: