السبت، نوفمبر 20، 2010

مراسلات ليلى الجزائرية مع مغترب - الرسالة الثانية

الرسالة الثانية
12-07-95
إلى من هو عنوان رسالتي
السيد : المغترب
الحمد لله .... والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد صلى الله علية وسلم .... اولاً أود ان أسالك بماذا  أبدأ؟؟ أو كيف أبداء؟؟؟ وبماذا أخاطبك عبر هذه الاحرف التي مهما وضعتها لك ساكون عاجزة عن تقديمها .
في الحقيقة لا اعرف ماذا سأكتب لك في هذه الرسالة ، فرسالتك وصلت منذ حوالي شهر ونصف ولكن لم اكون موجودة في المنزللتفرغي بدراستي بمدينة وهران . وعند وصولي هذا الاسبوع لم تسعني الدنيا من الفرحة فلقد تشرفت كثير بهذه الرسالة لصداقتها، وارجو من المولى عز وجل ان تكون مبنية على الخير والصراحة.
صديقي المغترب: إن رسالتك جاءت مختصرة وازداد خجلي حينما لم استطع الرد ، كما أنك لم تذكر اي شي عنك وهذا ما زاد الطين بلة ، وكثر خوفي ، ولكن في الأخير أردت ان أكون فضولية قليلاً واقتحم جدار الصمت وليكن ما يكون .
صديقي المغترب: في رسالتك ذكرت بأنني كتبت لاني في مرحلة احتاج فيها إلى صديق ولم تفهم قصدي . وفي الحقيقة انا وحيدة في هذه الدنيا بقلبي وعقلي وبكل شيء هو ملكي فليس لي صديق على الاطلاق . اقضي وقتي في ايام الدراسة من الجامعة إلى الاقامة الجامعية ما عدا يوم الخميس اتنزة انا وصديقاتي في الجامعة في ارجاء مدينة وهران . اما ايام العطلة فاقضي ايامي في البيت بين مشاهدة التلفزيون وقراءة الكتب ، وهذا باختصار حياتي اليومية .
اما عن المشكلة التي تتحدث عنها ، فليس لي مشكلة والحمد لله حتى في دراستي فقد انتقلت في هذا الشهر إلى السنة الثانية إعلام آلي رغم صعوبة هذه السنة . كما أن عائلتي تعاملني جيداً ، لكن يبقي الثغر مفتوح وهو انني فعلاً ابحث عن صديق أتبادل معه الأراء والقضايا ويساعدني واساعدة في حل مشاكله و .....
صديقي: لقد وضحت لك بعض نقاط حياتي وارجو أن لا أكون قد أثقلت عليك بجريدتي هذه ، كما أتمنى أنني أبقى صديقتك للأبد لأنني اريد ان أتعلم الكثير الكثير ، وأرجو أن لاتنزعج من تعبيري وخطي فأنا لا اجيد التعبير ولا الكتابة .
وشكراً لك الف مرة على قراءتك هذه الرسالة ، ولارد لك جزء من  وقتك لكتابة الرسالة السابقة . كما الفت انتباهك بأنني في عطلة لمدة ثلاث أشهر وهذا لغاية شهر أكتوبر، واتمنى أن يكون ردك سريعاً لا أنني أنتظر الرد بفارغ الصبر .
وفي الاخير تحياتي إليك والى كل من ترتاح إليه نفسك .
ملاحظة : صديقي أريد ان تضع في كل رسالة أسئلة منك نجيب عليها بصراحة ولتكن منك البداية،  وهذا ان شئت وقبلت صداقتي ، وكما أرجو المعذرة على انني ابتهلت اسمك بدون لقب.
صديقتك ليلى الجزائرية

الرد على الرسالة الثانية 
الآنسة ليلى الجزائرية الغالية.
تحية طيبة واشواق حارة أزفها عير سطور هذه الرسالة راجياً من الله تعالى ان تصلك وانت في تمام الصحة والعافية وموفقة في جميع امور حياتك.
وبعد:
لقد تشرفت برسالتك اللطيفة وسرني ماجاء فيها من معان الحسن وجمال التعبير واللفظ البديع . واشرك على جميع ما جاء فيها، الآن أضع رسالتك امامي واجيبك على جميع الاستفسارات التي وردت فيها.
أختي الغالية ليلى، أولاً: استميح حضرتك العذر في التأخير عليك بالرد لظروف فوق ارادتي ، لقد تشرفت برسالتك منذ حوالي ثلاث اسابيع ولكنني لم استطيع الرد في ذلك الوقت ، ولكني لم انساك ولم انس الرد على رسالتك ، وهذا الرد ، ارجو أن يصلك وانت في تمام الصحة والعافية.
ثانياً: بالنسبة لسؤالك عني اليك مختصر بالتعريف عن نفسي: أنا شاب عربي مغترب ، أدرس واعمل في نفس الوقت وسأتخرج هذا لعام ، واعمل في شركة للمثلجات، احب الهدوء والترتيب، واهتم بالثقافة والادب، لي كتابات في مجال القصة القصيرة والخاطر والمقالة، أكتب في اوراق متناثرة ودفاتر متفرقة ومتعددة احتفظ بها جميعاً ولكني لم اجد الوقت الازم لجمها وترتيبها، على الاغلب أكتب الشعر، اكتب باكثر من لغة، القليل من كتاباتي قد نشرفي بعض الصحف والمجلات ، نشرت بعض القصائد في كتاب مع بعض الادباء . في الرسائل القادمة سوف تكتشفي الكثير عني ، هذا إذا دامت بيننا المراسلة. الحالة الاجتماعية أعزب أبحث عن عن نفس تلائم نفسي، أبحث عن الحنان الذي هو الآن في هذا العصر مفقود، أبحث عن من يشاركني في اموري الشخصية وافتح له قلبي باخلاص وحنان، هذا مختصر عني أرجو ان لا أطيل عليك في السرد.
أما بالنسبة لسؤالك الاخير أن نضع الاسئلة ونتبادلها بالاجابة عليها، وكما طلبتي ساكتب لك السؤال وانتظر منط الجواب وانا ساجيبك علية في الرسالة القادمة مع اجابتي على سؤالك ايضاً الذي ستطرحينه.
السؤال:
كيف نتوصل الى الحنان
بالقفز في الاحضان
أم بالصمت أو السان
بفصيح الكلام والبيان
أو بالبحث في الديوان
أو عند البقال في الدكان
أو في الشارع والميدان
أو عند صاحب الرأى أو الجيران
أرجو الاجابة أيها الانسان!!.
أختي الفاضلة: أرجو ان لا أكون قد أطلت عليك بهذا السؤال فهو عبارة عن قصيدة مختصرة الكلمات طويلة الدلالات.
أختي الفاضلة أرجو أن تعرفيني بنفسك في الرسائل القادمة والى القاء برسالة من طرفك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أخوك وصديقك المغترب
11/9/95

ترقبوا الرسالة الثالثة في الايام القادمة

أبو بدران يبحث عن الآمان (رواية) - الفصل السادس

أبو بدران يبحث عن الآمان )رواية( - الفصل السادس
الفصل السادس
6
اعترافات طالب علم
تظهر من عينيه نظرات الغضب ، إلى كل من يجاوره على طاولة الدراسة ، عندما يتهامس الذين يحيطون به أو الذين يشاركونه الجلوس عليها ، هذه الهمسات تدخل مخيلته من باب النشاز والعواء والأنين ، تنعكس في داخله ، تنقسم بهجتة وسط سطور الكتاب الذي أمامه ، تظهر على عينيه نظرات الغضب تتصاعد لتزعج  كل من يجاوره ، يكرس نفسه شهوراً طويلة عديمة الجدوى من العذاب ، عندما يكتشف نفسه في الأمتحان انه لم يكن يفهم شئ ، يجتهد إجتهاداً شديداً ، ولكن من المؤسف أن ذلك لم يدم طويلاً فينخفض إنخفاضاً مباغت .
يقول  : << أنا لا أعرف نفسي حق المعرفة ، تراخ في مجهودي ، إستهتار بمظهري وملبسي >> .
عندما يأتيه طالب علم جديد لا يعرف النظام ، ويستهزئ به ، يتفاخر ذلك الجديد بنفسه ، يصمت ثم قول في نفسه : << أنا وأنت والزمن ، سيعلم من سيصمد ومن سيفشل >> .
مخاوف وأفكار معذبة ، متناثرة ، شعور بالخوف ، إحساس بالفشل والخزي والعار ، كان في حالة إحباط تام .
يقول : << كنت ضمن االتلأميذ ألأوائل في الفصل ، وظل الأمر كذلك حتى بدأت تلك المشاكل التي لا بد منها ، وان طال الزمن ، أن يخوضها كل من يريد أن يصبح رجلاً >> . 
يتابع حديثة فيقول : << كيف أعود إلى بلادي ، إلى بيتي ، إلى أهلي بدون نتيجة ، ماذا سيقال عني ، ماذا يمكن أن يحدث ؟ ..احياناً أحاول أن أبعد تلك الأفكار وشبحها  من رأسي ، احاول أن اخفف من إزدحامها في دماغي ، ان أفارق إثارتها أن ابتسم أن أبدؤ مرحاً >> .
حتى يبلغ تلك النتيجة المنشوة عليه أن يكون هادئ المزاج ، أن لا يعاني من التوتر ، أن يقوم بجولات ترفيهيه ، ولكن ان قام ببجولة في وقت من الفراغ ، أحس بتأنيب الضمير ، يعاني من وقت إلى آخر بتوتر خاص وبدوار يعاوده في رأسه ، لا يدع له أي راحة ، هناك في نفسه  خفقان سريع لايستقر على حال ، ينبوع ينفجر من امامه من الهموم ، طاقة جامحة ، رغبات طبيعية ، لا تكبح ولا تنتزع .
يقول : << ترى هل وصلت إلى زمن أفنيت فيه عمري ، نفذت إلى لب الحقيقة ، أنتهيت إلى اليأس والقنوط ، كنت أشعر دائماً أنني مختلف ....، محاصر بكأنات لا أعرفها ، يخيل لي أنها تريد إفتراسي ، حولي رمال صفراء صاخنة من وهج الشمس ، تريد أن تبتلع جسمي ، جسمي يكاد أن يذوب من حرارتها ، أغمض عيني لحظة ، ثم أفتحها لا أرى أي شئ ، أحاول من جديد ، يعاودني صداع يكاد أن يفجر رأسي >> .
أستولى عليه شعور غريب ، يتنفس الصعداء ، متنهداً ، ضجر ، وبشعور بشمئزاز حزين صراع هائل يدور في صدره ، يا نكد الأيام ، يا مضاجع البلوى ، يخفي أحلام راقية عن حياة المستقبل الذي ملأه بالأمال العريضة ، مزيجاً من العواطف الناضجة وغير الناضجة التي لازالت في طور الشباب أو الطفولة التي تلامس أوتار النفس وتحرك مشاعر السعادة ولارتياح .
يتابع حديثه ويقول : << اتميز بالحساسية المرهفة ، وبمشاعر الزهو والفخار بالتصميم العنيد ،التي لازالت تلاحقني في كل مكان  ....  أنا باحث وكاتب وشاعر ومهندس وطبيب نفسي و ....  >> .
لحظة صمت بتفكر عميق ثم يسترسل في الكلام : << طفت أبحث عن نفسي ذلك الأنسان الذي كنت منذ أمد بعيد ، أو ذك الطفل النشيط ، أو ذلك الشاب الذي كان يحلم بكل أنواع السعادة والرفاهية ، أو الذي حلمت يوماً أن أكون ، فناديت في عالم المجهول وقلت وأنا مهموم :
أين أنا من هذا الوجود
أين السعادة أين العهود
أين المحبة  أيـن تسود
أعيش على أمل مسدود >> .
ثم يتنفس بإرتياح وتابع يقول : << كنت اعاني من نوبات ، من الكآبة الغامضة ، أو من سحابات الحزن الداكنة ، فأنكمش بائساً حزيناً ، اعتدت ان ابقى منفرداً متأملاً فيما حولي ، غير أن المسألة صارت أكثر تعقيداً وصعوبة في مواجة الأمور الحقيقية ، التي أصبحت صعبة التحقيق ، حين أجد نفسي عاجز في مواجهتها ، أنفق ساعات نهاري وليلي ، ساعات مرهقة لاجدوى منها تمر ، أيام ، أشهر ، سنوات ، يجب عليّ أن أقوم بعمل نافع بدل من هذه الساعات التي تمر عليّ وانا جالس على الطاولة أتصفح الأوراق والكتب ، عمل لا يطعم خبز ، صدق المقريزي عندما قال:
والدهر دهر الجاهـلـين وأمر أهـل العـلم فاتر  
                                  لا سوق أكسد فيه من سوق المحابر والدفاتر >> .
... ويتابع حديثه ويقول : <<نهاية الأمل والطموح شبه معروفة ، انها فكرة مخزية وتعاسة شائكة تسري في  افكاري ..... مستقبل الدراسة ، أصبح الفشل يظهر عليه ، الذاكرة تكاد معدومة ، علي أن اترك عبثية الطموح الذي أصبح لا فائدة منه ، صحيح أنه خزي وعار عليّ أن أضيع تعب تلك السنوات ، توجد أسباب لا يمكن أن تنسى أبداً ، أخطاء أو خطايا لاينفع معها الندم ، ولاينطبق عليها القول ‘‘ الذي فات مات ’’ ، أنه قول لا ينطبق على حالتي هذه ، أن الذي فات لازال حي في نفسي ، لا زال ينمو يوماً عن يوم ، يزيدني حزناً على حزن ، الطموحات والرغبات التي كانت تنمو داخلي ، الآمال والمباهج والأحلام ، تحولت الآن إلى شئ لا أفهمه ، أصبح جسمي يعلو محياه الشحوب ، النحافة زحفت عليه ، فأصبح كألقصبة الناشفة التي قطعت عن أمها ، أصبحت أشتبك مع نفسي ، مع رغباتها ، مع طموحاتها ، فتنكمش بأسة حزينة ، أراها وهي تغور ، لكنها تعاود الفوران بين حين وآخر ، وتفيق من أغوارها على شكل تنهيدات ، تبدؤ واضحة في بعض الاحيان ، في بعض القصائد ، والأحاديث ، أزجرها لكنها تعاود الظهور ، كنت أحمل شعوراً غامضاً ، ادرك احياناً ان هذه الحالة الكئيبة انما هي حالة مرضية ، لم تكن سوى حالة من التعبير عن الذات ، حالة مبالغ فيها ، أو حالة مرضية مستعصية ، انها حقاً ليست طبيعية ، لا بد من معالجتها ، من معرفة أسبابها ، ربما ان احد اسبابها ، او هو السبب الرأيسي فيها ، مفارقة الأشياء الظرورية للحياة ، فقدان العطف والشعور بالحنان والسكينة النفسية ، أستطيع أن أخرج من هذا المأزق لكني احتاج إلى نقود ، أنني مفيلس فقير معددوم الحال >> .
يتنهد ثم يتابع حديثه بعد أن صمت  فيقول : << كنت أتجول في شوارع جنوى ، أشعث أغبر ، مهموماً حائراً ، لا أعرف إلى أين اتجه ، فالسبل أستدت في وجهي ، من جميع نواحي الحياة ، لم أعد مفلح لا في الدراسة ولا في العمل ، وبدأت الهموم تتقاطب علي من كل النواحي ولاتجاهات ، الأعياء والشحوب علامات ظاهرة على وجهي أصبحت لم ارع أي هتمام أو عناية بهندامي ومظهري ، فتغنيت من ضيق الحياة وقلت :
أظلم ليلي وأنطفى فانوسي
ونهاري قد أشرق عبوسي
أمسيت في جنوى مكدوس
بــدون  نقـود أو فلــوس
ولم أزل بين مقرود ومتعوس >> .
ثم يتابع حديثه بعد أن صمت  فيقول : << في دماغي اترك الأحلام تأخذ مجراها كيف تشاء ، الخوف يعذبني ، الشعور بالفشل وضياع العمر في بلاد الغربة بدون نتيجة يرهقني ، أخذت أظهر بتعبير اللامبالاة ، الواقع اصابني بمرارة شديدة ، لكن يجب ان اتكيف معه ، ولو بشكل ساخر ، اجد في الانعزال رضى ، استمتع بواقعي المر ، ولكني قررت في قرارنفسي أن أستذكر وأن أستدرك  اعوماً ضاعت  بأكملها لم  أفعل فيها شئ ، واضع هدفي الأعلى تصب عيني . الناس لا تدرك ما أعانيه في غربتي ، لكن ساودعه الورق ، لافرج عني بعض من الغم المقهور الذي تعرى أمام خيالي ، سراع بين روحي وجسدي ، وقلبي ونفسي ، سأقول الحق بلا رياء ولو قيل عني أني مجنون ، دعني وشأني >> .
نهاية الفصل السادس

السبت، نوفمبر 13، 2010

مراسلات ليلى الجزائرية مع مغترب - الرسالة الاولي


مراسلات ليلى الجزائرية مع مغترب

الرسالة الاولي

بسم الله الرحمن الرحيم

يوم 10-04-95
إلى من هو عنوان رسالتي
السيد : المغترب
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وعلى آله واصحابة اجمعين
اما بعد:
رفعت قلمي لأكتب لك هذه الرسالة ، وانا لا أعرف من اين أبداء؟
 في الحقيقة لا أطيل عليك بجريدتي هذه وأبداء في الموضوع .
سيدي: لقد وجدت عنوانك في مجلة "العربي" وطبعاً انا من قراءها والمعجبين بها ، وكنت في الايام الماضية أبحث عن صديق يكتب عنوانه في المجلة لانني اعرف ان كل من يقرأها له ذوق عالي من ثقافة ومطالعة ، إلى ان كتبت أنت عنوانك ، وأنا لا اعرف إن كنت تقبلني صديقة لك.
أما ثاني شيء شدني إلى عنوانك هو أنني كنت بابحث عن صديق مغترب لانه بوحدانيتة وغربتة يقدر كل ما هو اصيل وعربي وهو بذلك يفيدني بنصائحه وخاصة وانني في مرحلة أحتاج فيها إلى صديق يقف إلى جانبي ..... وفي الاخير أحيل القبول لك طبعاً ، واليك اسمي الكامل :
 ليلى الجزائرية
المهنة: طالبة السنة الاولى جامعة إعلام آلي
السن : 20 سنة
الهواية : المطالعة ، الرياضة ، المسيقى العالمية بمختلف انواعها
العنوان: الجزائر

الرد على الرسالة الاولي
يوم 6-5-95
الآنسة ليلى الجزائرية المحترمة
تحية واحترام وشكر ، يسعدني أن أكتب لك هذه الرسالة راجياً المولى عز وجل ان تصلك وانت في أجمل صحة.
وبعد ، لقد تشرفت برسالتك اللطيفة التي بعثتيها لي في البريد المسجل ، ولكنها كانت مختصرة جداً. لقد ذكرتي في رسالتك انك في مرحلة تحتاجي فيها إلى صديق وفي يقف بجانبك ، ولكنك لم توضحي لى ماهب المرحلة او ما هي المشكة هذا ذا كانت هناك من مشاكل واتمنى ان لا تكون . أرجوان توضحي لي كل ماتحتاجينة وستجديني ان شاء الله الصديق الوفي الذي يقف بجانبك ويمد لك يد العون في كل ماتحتاجينة.
اكرر شكري لك على رسالتك الجميلة والى اللقاء مع رسالة آخرى من طرفك يكون فيها شرح اوفي.
تقبلي تحياتي مع خالص الشكر والتقدير.
صديقك المغترب.

أبو بدران يبحث عن الآمان (رواية) - الفصل الخامس


أبو بدران يبحث عن الآمان (رواية)
الفصل الخامس
5
تمشي به الاحداث
مهاجر
هكذا تلاعبت الأفكار في رأس أبي بدران ، فقرر الارتحال ، بعدما الحب اصبح مأواه الاندثار وطار ، فقال لابد من مغادرة الاوطان ، والبحث عن دار جديدة ولو في اخر البلدان ، او في عالم الجن والجان ، عند السحرة والكهان  .
فقرر السفر ، وجمع الحقائب والصرر ، وركب الطائرة على غرر، لاول مرة كسائر البشر ، متجهاً إلى ذلك المقر .
يقول أبو بدران : << كنت احلم بالسعادة ، وان أصبح نابغة ، وأن أنال الشهادات الرائدة ، في العلوم السائدة ، لذلك قررت السفر >>  .
قرر أن يكون له شأن ، ويصبح من الذين يشار اليهم بالبنان !! ، لكن الفشل دائماً كان له بالمرصاد ، ودائماً منه يصتاد  . ولكن السنين مضت تتلو بعضها ، وهو لا زال في بداية المشوار ، والعلم يقفز من امامه قفزات وهو يحبو خلفه كالحلزونة على جدار ، يقول : << هاجرت للعلم اطلبه فطار >> ويتابع فيقول متابع حديثه : << وأتضح لي أني أريد أن أكون كاتباً أو شاعراً أو رجل من رجال الثقافة والفكر ، فرافقتني هذه الرغية زمن طويل ، ليس هناك ما يمنع  أي أنسان أن يكون كيف ما يريد ، أن يكون المرء شاعراً هذا شئ ، وأن يكون شاعراً ناجحاً ومشهوراً هذا شئ آخر ، وحتى تصبح ناجحاً ومشهوراً تكون قد مت ، أن تصبح شاعراً ذلك مستحيل ، وشئ مضحك ومخجل ، ذلك ما أكتشفته سريعاً ، وتعلمت من الحياة ان الاهتمام بالشعر وبالمواهب الشعرية من التأثيرات النفسية والعاطفية ، هذا ما أكتشفته بعد أول  قصة حُـبّ  فاشلة ، وهذا ما اكتشفته مع الزمن >>   .
لكن مجريات الحدث والزمان ، وحظه المشئوم والحرمان ، أو سؤ الحظ والطالع النحس ، ساقاه إلى أرض الطليان ، ساقاه إلى ان ينام تحت شجرة ، يقض الليل مع النهار مدة شهر من الزمان ، يعمل في النهارعند أهل البرمجان ، يقطف البندورة حمراء كحب الرمان ، أو كالتفاح في بلاد الشام هكذا عاش غلبان... بعد ان فشل في امتحان الحساب وتحليل الاذهان ، وقرر ترك الدراسة والسوح في البطنان . لكنه تذكر وصيت والده رحمه الله ، قال له والده، ذات يوم وهو يوصيه : < يا بني لا تكون ضعيفاً ابداً في حياتك ، في اي شئ كان >  فكانت هذه الوصية هي زادة على مر الزمان. ومن ذكريات والده التي لا تزال عالقة في خياله ، تلك الرؤيا ، فقد رأى والده ، يرحمه الله ، رؤيا في المنام ، انه كان عنده ديكان ، ففر الصغير منهما ، وطار في عالى السماء ، وغاب عن نظره وهو يعلو في السماء ، متجهاً نحو الغرب .  وعندما ودعه ابوه واوصله الى المطار ، وراقب الطائرة وهي تعلو في جو السماء بتجاه نحو الغرب ، قال لابنه الاكبر ، يا بني هذا تأويل رؤياي من قبل ، وسأموت وانا لم أرى أخوك ، وفعلاً حدث ما تنبىء به ذلك الوالد الصالح .
نهاية الفصل الخامس