الأحد، أغسطس 29، 2010

أبو بدران يبحث عن الآمان (رواية) - الفصل الاول

أبو بدران يبحث عن الآمان
(رواية)
هذه الرواية كتبت على فترات متعددة مابين الاعوام 1993 و 2009 ، ففي عام 1995 صدرت منها النسخة الاولى ، وهذه هي النسخة الثانية معدلة ومزاد عليها الفصل الختامي .
الفصل الاول
1
البحث في عالم الجن والجان
ولد مجهول المكان ، غير معروف التاريخ و الاوان ، يقال انه ولد في احد الوديان ، و يقال انه ولد في الاغوار ، حيث الدفئ يملئ المكان المشار ، بجانب بساتين الريحان ، عند الخضرة واشجار الرمان ، او في سفح الجبال بين السهول والهيدان ، بالقرب من جداول الانهار والغدران.
ويقال انه ولد في المرتفعات ، حيث الهواء اللطيف له صفير آت ، بجانب حقول القمح والشعير الرابيات ، عند البيادر على التلال البارزات عند التل الصغير ، أو عند البيادر بقرب الغدير ، الذي ماءه عذب فرات له خرير .
فأصبح بين المرتفعات ولاغوار ، ليس له قرار ، في كل يوم له أفكار ، متشوش البال والفكر محتار .
أما عن تاريخ ولأدته يقال أنه ولد في العام الستين ، حيث قحط السنين كالسكين ، ويقال انه والد في العام الثاني والستين ، المشهور بأكل التين ، وقول ثالث أنه ولد في العام الثالث والستين حتى لايستكين ، ويغدو من الأطفال النشيطين ، ويدخل المدرسة في الحين.
سمي بابي بدران ، لآن جده كان ، رضي الله عنه في الجنان ، قد أتئ قوم بعد إنتهاء من الطعام ، أو قبل الفراغ من اكل الطعام ، فقالوا له أين كنت يا غلام ، قال بنظم الكلام : عمكم أبو بدران طوال اليوم كان يلعبُ في الغدران.
بدأ يكبر ويحبو على يديه ورجليه فرحان ، كغيره من أبناء جيله الذين عانوا في الطفولة الحرمان ، من جميع مستلزمات الحياة والحنان ، تروي له أمه ، رضي الله عنها ، من زمان ، انها كانت تربطه من رجله للامآن ، وتذهب للحصاد عند عباد الرحمن ، ففي ذات مرة من الاوان ، مرّ عليهم رجل من العربان ، فلما رأه على حاله غثيان ، قال لهم مستغرب الحال غضبان ، هل يرتبط الأنسان من رجله كالحيوان ؟!
عانى في طفولته المشقة والرعب وغضب الجيران ، حيث أنه كان يتسلق الجدران ، ويلاحق الدجاج بالأغصان ، ويركب على الجديان ، ويخطف اللعب من الصبيان ، ويبول في الصيوان ، وفي أباريق القهوة وعلى الحيطان ، ويقطع الحديث على النسوان ، بصوته وهو فرحان أو غضبان .
عندما أصبح يدرك ما حوله بالتمام ، وبلغت حواسه تعي ما يدور حولها من مجريات الحدث والزمان ، ومن الخلف والأمام بالتمام ، فقد الحنان والعطف الأبوي والنظام ، والعيش بعيداً عنهما في الهيدان ، بعد أن أخذ على عاتقه ان يصبح تلميذاً في المدرسة ومن اهل الكلام ، فصيح اللسان ، ليصبح خطيباً يفك خط معلم الصبيان .
حتى يتسنى له اللعب مع الصغار ، ودخول المدرسة كالفار ، مع الصغار ، لابد له من وثيقة اثار تثبت هويته باستمرار ، تاريخ ميلاده المشار ، مكان ميلاده الطيار ، الذان كانا مجهولي الاثار ، فاصبح وليداً صغيراً تحت الاشجار ، بقرار الطبيب الجبار ، ، أو بتقدير السن الرهيب المغوار ، شهاده ولادة جديدة الاثار ، فمن ذلك الحين غدا من مواليد العام الثالث والستين المشار ، على ربى التلال عند البيادر رهين الاقدار .
هكذا شآت مشئة الله الجبار ، وسارت الأقدار ، بإن يدخل أبوبدران المدرسة وهو رغبان مختار ، وغير محتار ، ليصبح تلميذاً على مقاعد الدرس في الأغوار.
في ذلك الحين ، عند دخول المدرسة ، كان من اكبر التلاميذ عمراً في الاسفار، اذ انه شيخهم المغوار ، ولكن لم يبدؤ عليه ذلك من اثار ، إذ أنه كان أصغرهم في حجم الفار.
عاش السنين تلو السنين ، يتمتع بنشاط كبير سمين ، في المدرسة إلى حين ، اذ انه كان من الأوئل على مجموعته فطين ، وشاطر في أكل التين ، و حتى نهاية المدرسة المتوسطة ، أو بعد التقليل من أكل التين ، أو بالاحرى عندما قل إنتاج التين من قحط السنين ، وبعد الانقطاع عن أكل التين ، بدأ مستواه بالانخفاض تدريجياً الى الطين ، حيث بدأت المشاكل تطرق باب دماغه الرصين .
هكذا تسير الأقدار ، ويكبر في الحال ، أصبح شاباً يتمتع بالحيوية والنشاط ، وهكذا تتدفق فيه حيوية الشباب ، اصبح مراهق مجنون كالمطاط ، تدفقت فيه حيوية الشباب بانفراط ، ينظر الى ذوات العيون ، من الصبايا الغاديات الآئبات ، من الفلاحات الورادات والحطابات ، حتى العجائز ذوات المراكيد الكادحات ، لم يتركهن من نظراته الشاردات ، اصبح له اربع عيون ، اصبح كالثعبان او التعبان ، سلبه حسن البنات ذوات الشعر كالحرير والخصر الرفيع و و و ....
نهاية الفصل الاول

المسافر

المسافر
"قصة قصيرة"
كان ذلك اليوم يوم الخميس بعد إنتهاء الدوام ، عندما عدنا من المدرسة إلى المنزل الذي سكناه من اجل الدراسة ، لانه قريب من المدرسة.
وبدا كل منا يجمع ملابسه المتسخة ويصرها ليسهل نقلها، جمع زميلي ملابسه وصرها مع ملابسي ، ثم خرجنا بعد ان أغلقنا باب الغرفة ، وتوجهنا إلى السوق ، واشترى كل منا قليل من البرتقال الرخيص ، ووضعناهما مع صرتا الملابس في الحقيبة وسرنا بتجاه موقف السيارات ، في موقف السيارات أنتظرنا ريثما تصل احد السيارات.
كان المنظر يثير العجب والعطف معاً. جمهور من الركاب وكل معه صرة او شنطة. كلٌ في إنتظار سيارات الريف . والعجب العجيب انهم عاملين فوضي ،إنهم لم يلتزموا بالدور ، فاذا حضرت سيارة بعد طولٌ من الانتظار ، هرعوا اليها كهجوم الغنم على طاولة العلف ، والقوي القوي سيروح مبكراً قبل مغيب الشمس.
واخيراً ... ركبت احد السيارات وودعني زميلي وعاد من حيث اتينا. وتحركت بنا تفج صفوف المزدحمين عن يمين وشمال، وثمَّ لحظة حتى كنا خارجين من نطاق المدينة ، وانبسطت الطريق امامنا ، وادار السائق مفتاح المذياع فنبعث منه انغام مسيقية ... الشمس في قرصها الذهبي ، الحقول والاشجار على جانبي الدرب تبدؤ مع شعاع الشمس كانها جنة تتخللها اشعة شمس الغروب بطيفها الجميل ، منظر جذب فكري وخيالي فسرحت في عالم الخيال.
وبعد شوط ليس بالقليل سقطت الشمس في حجابها وخيم الظلام من حولنا ، فاشعل السائق المصباح الامامي لسيارة لينير الطريق لنا ، وثمَّ لحظات حتى اشرت إلى السائق بالوقوف لانزل.
نزلت حاملاً في يدي حقيبتي ، ووقفت اجول نظري فيما حولي ، وتذكرت ما ساقاسية في هذا الظلام ، عليّ الآن مسيرة ساعة على الاقدام، والظلام قد زحف على هذا الكون وقد اعطى ستره. سرت والظلام من حولي يشتد اكثر فاكثر ، اطبقت علي وساوس شتى وامسيت اتخيل كل حجر او شجر بارز إنسان او حش او .... ما يسمى "بالغولة" ، وصوت الزنانير يعلو ويخفت معطياً الحاناً شجية وانغاماً فنية ، ولكني لم انتبه لها ولم استمتع ولم اطرب لاستماعها ، وامسى صوتها يزعجني ويخيفني ويرهقني . وسماء من حولي تبعث بنور مصابيحها في اضواء مختلفة ... واشكال ... سبحان خالقها جل شأنه.
ولكن خيالي لم يفكر هي هذه الاشياء الجميلة التي حولي من اصوات واضواء ، بل كان سارحاً وهايماً في اشياء واشياء ...
أهذه زيارة تسمى ، أصلهم وفي منتصف الليل واعادرهم بعد شروق الشمس ؟! لا لن اغادرهم الاّ بعد الظهر ، يجب ان تجف الملابس حتى أخذها .... بعد الظهر سوف لن احد مواصلات توصلني . أخذ الملابس قبل ان تجف ، مش مشكلة ، نجففها هناك ...
كم هذه المرة يعطوني ... ربما دينارين ، لا انهما لا يكفياني .... قبل اسبوعين ابي اعطاني خمسة دنانير .... ماذا قال لي عندما اعطاني اياها ... انني لا ازال اذكر كلامه ... ((ياولدي الله يرضى عليك ... حافظ على رزقك ولا تشتري الاّ الضروري ... ربما انك تمرض ... )) أذكر كلامه دايماً ، يا الله ... نعم انني اذكر ذلك الكلام ، آه !! انني مصرف ... انني اذكر تلك الليلة التي اخذني فيها الزملاء إلى السنماء ... عندما دفعت عشرون قرشاً ثمن للتذكرة ... آه! انهما يكفياني يومين على الاقل ، انهم زملاء سوء ، لماذا انا احسب نفسي مثلهم ، انهم ... اما أنا ...، لا لايمكن ، انا مثلهم هم اناس وانا انسان ، المال مش كل شئ ؛ ساتخرج واتوظف ويكون معي مال مثل التراب .... واين تلك الايام؟؟ ..
امي انها الآن تنتظرني ... اني لا أزال أذكر كلامها لي ودعاءها الله يرضى ويوفقك و ...
وصحوت من خيالي على صوت نباح كلابنا، فانثنيت على الارض أجمع حُصْى لادافع بها عن نفسي ... دائماً يتنكراني ويهجمان علي لاني لا اقضي عند اهلي طويلاً حتى يعرفاني ، فهما يهجمان علي كاني غريب .
وحمّلت يداي بكثير من الحجارة وبدأت اقذف بها على الكلاب ، حتى اقبلوا اخوتي ليحموني من الكلاب.
كانت فرحتهم بقدومي فرحة كبيرة لا توصف ، وفرحة امي اكثر، وتقاسم الصغار حبات البرتقال، وارسلت احدهم بملابس زميلي والبرتقال إلى اهله.
4 جمادى اولى 1402هـ
الموافق 27/2/1982م

هذا عربي

من ديوان "أذكار الصحف"

هذا عربي
رأيته وفي وجهه علامات البؤس والشقاء،
رايته وهو ينزل من حافلة ويصعد في أخرى،
وفي يده حقائبه،
يجوب الشوارع بمشيته المستعجلة ،
ينظر الى الناس فيزداد بؤساً على بؤس،
والم على المه،
رأيته ببشرته السمراء
وملابسه الرثة ،
عرفه من هيئته
من لون وجهه،
من علامات الشقاء المرتسمةعلى جبهته،
على ملامح وجهه
هذا عربي.
رايته واقفاً يبيع على الماره
اشياء في يده ،
ينظر اليهم ، فيزداد الم على الم ،
 وبؤس على بؤس
انه لم يبع شيئاً،
الناس تنظر له في زدراء،
عرفه بيهيئته
ومن ملامح البؤس في عينيه،
إنه عربي.
رأيته وفي أذنه القرط
وفي يده قيتارة
وهو يعزف عليها
في الحافلة العمومية
مقلداً فريد الاطرش
والناس تنظر اليه بإحتقار،
عرفته
هذا عربي.
رأيته وهو في الطابور
صاف على انتظار
انهاء معاملة حق الاقامة
يستنظر دوره تحت وهج الشمس
والشرطي ينهره
لينظم الصف
لان بشرته سمراء
ويسمح لغيره بالمرور
لان البشرة البيضاء
تفضل الطابور الاول على اليمين
رايته صامت لا يتكلم
لكنه عندما يتكلم
ينهره العسكري
اول صف
لما يأتي دورك
عرفته
هذا عربي.
جنوا 7/3/ 1990

أذكار الصحف

هذه افتتاحية ديوان "أذكار الصحف"

أذكار الصحف
امتد الأثر
وذكرٌ صاعد
الذي كان ما زال
متثرٌ بالاثار.
مأخذ ايام الشمس
بعض المعلومات ثلاثة
مأخذ من الصور اسوار.
الشعور يصنف
مثقفون وثقافة
كتم وعف
المؤتمر في إنتظار
نوادي الادب
جامعة قُطر
اسطورة وملحمة
امتداد الأثر قطار
الشمعة في الظلام
والشمس مشرقة
سلكت البرلري والبحار
اين القرار
فأن العزل
هو الحل
رحيل
موت
اسفار
دحرجة الخراب
النجاح والاخفاق
اين الصواب
ازداد الانتثار
كل الذي كان
صار
ذاكره
ونار
أمتد الاثر
والذكر صاعد
بين النوافذ
وفي الصحف اذكار
أذكار
عِبر
أفكار
أعذار
لا يفقه كنها
غير الكتاب
أغوار .
جنوا 14/10/1995